Rahal Law Firm
  • English
  • français
  • العربية
  • Accueil
  • Cabinet et Nouvelles
    • À propos de nous
    • Notre équipe
    • Blog
    • Nos nouvelles
  • Domaine de pratique
  • Contactez nous
  • fr
    • English
    • français
    • العربية
+961 1 426 767 Call Us
+961 1 427 788 Call Us
+961 70455006 Whatsapp Us
info@rahal-lawfirm.com Email Us
Contact Us

  • إجراءات التحكيم لتشكيل الهيئة
  • Posté par البروفسور علي فايز رحال à il y a 5 ans
إجراءات التحكيم لتشكيل الهيئة

يتحول الطرف الاخر في العقد أو في الاعمال من شريك الى خصم في لحظة نزاع معينة، وتتحول الصداقة الى خصومة وفي بعض الاحيان الى عداوة.

ويصبح النزاع واقع لا مفر منه ولا مهرب.

تأتي هذه المرحلة ما بعد مرحلة سؤال وغموض الجواب، مفاوضات لا تؤتي ثمارها فلا بد من حل النزاع.

قد يرغب الاطراف العقلانيين الى حل نزاعهم بعيداً عن المحاكم لتجنب القضاء العادي ومشاكله وذلك عبر اللجوء الى التحكيم والاستفادة من مزاياه.

حيث تثبت العقلانية بغياب البند التحكيمي ورغبة الاطراف بتوقيع اتفاقية تحكيم، فبهذه الحالة لا نرى كثيراً من المشاكل لا بل حتى يمكن القول ان هناك ندرة في المشاكل لكن لا يخلو الامر من بعض العقبات التي قد تنتج بفعل تفسيرات متناقضة لبعض أحكام القانون أو بنتيجة نظام غرفة تحكيمية غير واضح.

وحيث انه بوجود حسن النية تسهل عملية تشكيل الهيئة والغموض يمكن تجاوزه باتفاق الاطراف خاصة على الشروط الواجب اعتمادها ليصار الى تطبيقها دون أي تأخير.

لكن قد يرغب أحد الاطراف بتعطيل عملية السير بالاجراءات لتكوين هيئة تحكيمية للبدء بالتحكيم، حيث تكون العداوة قد ترسخت والرغبة بالتعطيل قد اكتملت للتسبب بالضرر للطرف الاخر، او ان يرغب أحد الاطراف الذي يعلم تماماً انه متلكؤٌ عن انفاذ موجباته وسيتحمل وحده عبء المسؤولية الناتجة عن فسخ العقد الاساسي او ابطاله او الغائه بفعله او وقف العلاقة التعاقدية، فيعمد الى اتباع أسلوب المماطلة واطالة أمد أي محاكمة تهرباً أو كسباً للوقت، مما يؤدي الى زعزعة الاجراءات لتشكيل الهيئة.

وهنا يطرح السؤال، هل هناك امكانية زعزعة؟ هل يمكن تعطيل اجراءات التحكيم؟ ما هي الاشكاليات التي تفرض ذاتها أو يستفاد منها؟

وهذا سيكون موضوع بحثنا في القسم الثاني من هذه الدراسة، بعد ان نكون في القسم الاول قد بحثنا في الاجراءات العادية الواجبة الاتباع لانطلاق العملية التحكيمية، على ان نبحث في القسم الثاتث في دور قاضي الامور المستعجلة, اما في القسم الرابع فسنتكلم عن الشروط الواجب اعتمادها لتشكيل الهيئة بعد ان يكونوا الاطراف قد تجاوزا كامل العقبات التي تحول دون تسمية المحكمين.

 

القسم الاول

الاجراءات الواجبة الاتباع في مرحلة انطلاق التحكيم

لم يشر القانون اللبناني الى اجراءات محددة للانطلاق بالتحكيم وهو ترك أمر الاجراءات لاتفاق الاطراف او لاحكام أنظمة الغرف التحكيمية، حيث اكتفى المشرع بالاشارة الى مهلة التحكيم في المادة 773 من قانون أصول المحاكمات المدنية التي تسري من تاريخ قبول آخر محكم لمهمته والمخصصة لمرحلة قيام التحكيم والبدء باجراءات المحاكمة، انما المرحلة التي تسبق الموافقة، فليس هناك أي اشارة او تنظيم لهذه الفترة.

كما لم يشر المشرع لاي أصول واجبة الاتباع لمرحلة الانطلاق وان كان أيضاً قد وضع امكانية تدخل القضاء لمعالجة بعض الاشكاليات التي قد تنشأ في هذه المرحلة وذلك بطلب من أحد الخصوم، حيث انه وبحسب المادة 774 من ذات القانون أعطي رئيس الغرفة الابتدائية الصلاحية باصدار قرارات على وجه السرعة بهذا الخصوص سنأتي على شرح مضمونها لاحقاً،

وعليه يقتضي التمييز بين حالة التحكيم الحر والتحكيم المؤسسي.

A- تحكيم الحر/ Ad-hoc:

ان التحكيم الحر هو المنظم بشكل كامل من قبل أطراف التحكيم[1]، حيث ان هؤلاء هم من يسمون المحكمين ويحددون الشروط الاجرائية الواجب اتباعها.

لقد أوجب المشترع اللبناني على الاطراف بحسب المادة 763 فقرة -2- من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني على ان يشتمل البند التحكيمي، تحت طائلة بطلانه، على تعيين المحكم او المحكمين بأشخاصهم أو صفاتهم أو على بيان الطريقة التي يعين بها هؤلاء.

اذ ترك النص للاطراف طريقة تعيين المحكمين وتشكيل الهيئة التحكيمية دون ان يشير الى أي مهلة واجبة الاحترام أو الى آلية واجبة الاتباع، لكنه اشترط، تحت طائلة الابطال، وجوب التسمية سواء بالشخص او بالصفة او عبر تحديد طريقة تعيين، وهنا تكمن الاشكالية!

لقد أكد الاجتهاد اللبناني على وجوب احترام مفهوم هذا النص بمعناه الضيق وليس الواسع حيث أشار في قرار صادر عن محكمة الاستئناف المدنية في بيروت الغرفة الثالثة بتاريخ 29/1/2009[2]، انه لا يكفي اتفاق الفريقين على اخضاع علاقتهما ونزاعاتهما للقوانين اللبنانية للقول بتوافر آلية لتعيين المحكم، حيث انه بخلو الاتفاقية من بيان طريقة تعيين المحكم يكون البند التحكيمي باطلاً عملاً بأحكام المادة 763 أ.م.م.

وهذا ما سار عليه الاجتهاد العربي، فنرى مثلاً القضاء المصري قد أكد بقرار صادر عن محكمة النقض[3]:

"يشترط في الشرط التحكيمي ان تكون عباراته واضحة وغير عمومية وينم عن ارادة واضحة في تنظيم اجراءات التحكيم وطريقة التعيين للمحكمين، لكي يكون هذا الشرط التحكيمي نافذاً، والا فان الشرط التحكيمي غير الواضح لا ينزع اختصاص القضاء".

وحيث ان على أطراف النزاع ان يلحظوا لدى صياغتهم بندهم التحكيمي آلية واضحة غير مبهمة

الا ان الوضوح الواجب في التحكيم الداخلي قد نراه غير ملزم في التحكيم الدولي، حيث انه وبحسب الدكتور عبد الحميد الاحدب:

"ان الوضع القانوني مختلف تماماً بالنسبة للبند التحكيمي وللاتفاق التحكيمي اللاحق للنزاع في التحكيم الدولي، لان النصوص المتعلقة بالتحكيم الدولي اللبناني كما والقانون الفرنسي، تعطي حرية واسعة للمتعاقدين في هذا المجال[4]".

وهذا ما استقرّ عليه الرأي الفقهي الدولي باشارته:

"ان نظرية "المستندات الكتابية" يمكن تفسيرها بطريقة واسعة، ويمكن ان تشمل مثلاً المراسلات المتبادلة ما بين الفرقاء، وهي مراسلات يمكن اعتبارها وسيلة اثبات كتابية تدل على وجود اتفاق تحكميمي[5]".

حيث أكد الفقه الدولي على الاكتفاء بالمستند المثبت لنية الاطراف بالولوج الى التحكيم دون ان يهتم بما يجب ان تتضمنه الصياغة.

لا بل أكثر من ذلك فان الدكتور الاحدب اعتبر بتفسيره لقانون التحكيم الدولي اللبناني بانه يتفق مع القانون الفرنسي لناحية انه في الحالة التي يُستند بها الى الاعراف التجارية يتوجب حل نزاع معين بواسطة التحكيم حتى في غياب اتفاق خطي بهذا الصدد[6].

لكن في هذا الاطار يقتضي عدم تجاوز الحد الذي رسمتاه المادتان 812 و 814 من قانون أصول المحاكمات اللبناني حيث اشارت الاولى الى انه "عندما يكون التحكيم الدولي خاضعاً للقانون اللبناني، لا تطبق عليه أحكام المواد 762 الى 792 الا اذا لم توجد اتفاقيات خاصة..."

أي انه بغياب الاتفاقيات الخاصة يقتضي تطبيق المواد 762 الى 792 ومن ضمنها 763 التي تحدد صحة البند التحكيمي و 766 التي تحدد ماهية الاثبات للعقد التحكيمي وما يجب ان يشتمل عليه[7]، وهذا ما قد يعرض القرار التحكيمي الدولي المراد تنفيذه في لبنان الى عوائق غير مرجوة خاصة مع اشارة المادة 814 أ.م.م. الى وجوب ان يتضمن طلب اعطاء الصيغة التنفيذية لقرار تحكيمي دولي على أصل القرار التحكيمي مرفقاً بالاتفاق التحكيمي او بصور طبق الاصل.

B- التحكيم المؤسسي:

ان التحكيم المؤسسي هو التحكيم المنظم من قبل غرفة تحكيمية[8]، حيث يسهل في هذا المجال البدء بالاجراءات التحكيمية عبر اتباع نظام الغرفة التحكيمية المحددة في البند او الاتفاق التحكيمي.

ان هذا التحكيم يوفر ضمانة قد لا نجدها في التحكيم الحر وان كانت هذه الضمانة لا تؤكد عدم حصول اشكاليات قد تكون ناتجة عن تفسير بنود النظام المتبع.

وحيث ان أنظمة المؤسسات التحكيمية تحدد الاجراءات الواجب اتباعها من لحظة تقديم الطلب الى لحظة تشكيل الهيئة التحكيمية.

فالمادة 3 مثلاً من نظام المصالحة والتحكيم العائد لغرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت تشير الى انه: "على الفريق الراغب في اللجوء الى تحكيم الغرفة ان يوجه طلبه الى الامانة العامة ويعتبر يوم تلقي الامانة الطلب تاريخاً لبدء اجراءات التحكيم.

والنظام هنا يحدد مهلاً للرد على الطالب من قبل المدعى عليه، حيث أشارت المادة 4 من النظام الى ثلاثين يوماً من تلقي التبليغ لاتخاذ موقف وتعيين محكم.

وحيث انه بذلك يكون التحكيم قد انطلق وصولاً لتشكيل هيئة تحكيمية من قبل الغرفة ويصعب بالتالي على الطرف الراغب بالمماطلة والتسويف ان يحقق أهدافه بسهولة.

وهنا يقتضي الاشارة الى قواعد اليونسترال التي عملت لجنة اليونسترال في الامم المتحدة مطولاً على تطويرها وذلك على مدى أكثر من خمس سنوات، حيث لاحظنا انه من النقاط الاساسية التي بحثت وعدلت هو الاخطار وحساب الرد، حيث وصل الامر الى اجازة اعتبار ان الاخطار المرسل بواسطة رسالة الكترونية مسلم واعتبار ان المدة تسري من اليوم التالي لتسلم الاخطار او الاشعار او الرسالة او الاقتراح واستعيض عن عبارة "اذا سلم الى المرسل اليه شخصياً "بعبارة" اذا لم يتسلمه المرسل اليه فعلاً[9]".

كل ذلك من باب تجسيد ممارسة معاصرة.

وقد أشار التعديل أيضاً الى انه تعتبر اجراءات التحكيم قد بدأت في التاريخ الذي يتسلم فيه المدعى عليه اخطار التحكيم، وحددت مهلة الرد بثلاثين يوماً.

اذاً هي مرحلة تسبق التحكيم الفعلي انما هي الاساس لتهيئة الامر للبدء باجراءات المحاكمة؛ مرحلة لم يخصص لها المشترع ما تستحقه من أحكام تنظيمية واكتفى باعطاء دور لرئيس المحكمة الابتدائية بالتدخل عبر طلب من أحد الخصوم لتشكيل الهيئة، حيث نصت الفقرة الاولى من المادة 764 من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني انه: "اذا حصل بعد نشوء النزاع ان قامت عقبة في سبيل تعيين المحكم او المحكمين بفعل أحد الخصوم أو لدى تطبيق طريقة تعيينهم، فيطلب تعيينهم من رئيس الغرفة الابتدائية".

وحيث ان هذه الصلاحية التي أعطيت للقاضي العدلي لم تنظم ولم تُخصص بأحكام تؤكد وجوب بت الامر على وجه السرعة ولم توضح امكانية البت في غرفة المذاكرة او وجوب اجراء جلسات واتباع محاكمة وكأن قضية ما تبحث بالاساس.

حيث ان التجربة أظهرت معالجة للامر بنفس قضائيّ وليس تحكيميّ، أي ان عنصر العجلة نراه لافت في هذا المضمار لكن ليس متميّز والرغبة في اجراء محاكمة وجلسات واضحة ومتبعة وليس هناك محاولة للتعديل.

وحيث انه بذلك توجه الدعوة الى المشرع للتدخل عبر اجراء تعديل تشريعي ينظم هذه المرحلة بما يتناسب وسرعة التحكيم ومنعاً لتحقيق ارادة المماطلة والتسويف من قبل أحد الاطراف تهرباً من التحكيم.

القسم الثاني

محاولة الاطراف في زعزعة الاجراءات التحكيمية

قد يكون الهدف من زعزعة السير بالاجراءات وصولاً لتشكيل هيئة والسير بالتحكيم الفعلي اما تصحيحاً لوضع قانوني قد يؤدي الى بطلان التحكيم فيرغب أحد الاطراف بوقفه منعاً لضرر متحقق، او ان أحدهم قد يتبع أسلوب المماطلة والتسويف لتعطيل التحكيم تهرباً منه أو رغبةً في ابعاد محاكمة قد تدينه وتلزمه بتعويض ملزم به بنتيجة فعله المرتكب.

ان هذه الزعزعة تتأتى بفعل تدخل القضاء بطلب من أحد الخصوم.

ورغم ان الهدف من التحكيم هو الابتعاد عن المحاكم والقضاء العدلي الا اننا نرى هذا القضاء كثيراً متدخلاً ومساهماً في تصحيح المسار الخاطىء، ومانعاً تحكيماً باطلاً، لكن في بعض الاحيان مزعزعاً سير الاجراءات وفارضاً لواقع جديد لا يحبذه أطراف التحكيم أو أحدهم.

ان نقاطاً عديدة قد تسهم في تحقيق هذا التدخل القضائي مع ما يستتبع ذلك من زعزعة في الاجراءات التحكيمية، نشير اليها بالتالي:

A- صحة الاتفاق التحكيمي:

أشارت المادة 764 من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني بشكل صريح الى امكانية اللجوء الى رئيس الغرفة الابتدائية في حال قيام عقبة في سبيل تعيين المحكمين بفعل أحد الخصوم أو لدى تطبيق طريقة تعيينهم، واذا رأى القاضي ان البند التحكيمي باطل بشكل واضح او انه غير كافٍ كي يتيح تعيين المحكم او المحكمين فيصدر قراراً يثبت فيه ذلك ويعلن ان لا محل لتعيين هؤلاء؛ وتضيف المادة ان البند التحكيمي الباطل يعتبر كأن لم يكن.

وحيث انه يفهم من مضمون المادة وبشكل واضح ان للاطراف الحق بولوج باب القضاء قبل تشكيل الهيئة التحكيمية لاعلان بطلان البند التحكيمي.

فاذا كان البند التحكيمي مصاب بعيب واضح يؤدي الى بطلانه، فلما المتابعة بالتحكيم والتكلف مادياً للوصول الى قرار باطل مسند على بند تحكيميٍّ باطل؟

في هذ المجال، أجاب الدكتور ادوار عيد فعلاً على هذا السؤال معتبراً انه: "في الحالة التي يجد فيها رئيس المحكمة الابتدائية – الذي طلب اليه تعيين المحكم او المحكمين عند قيام عقبة في سبيل تعيينهم وفق مضمون البند التحكيمي – ان هذا البند الذي سيرتكز عليه التحكيم لاحقاً هو باطل بشكل واضح، فان يقرر ثبوت هذا البطلان وبالتالي ان لا محل لتعيين المحكمين، ويتفادى بذلك تأليف هيئة تحكيمية لا يمكن ان تصدر في النزاع سوى قرار باطل، مما يرتب عليه بالتالي اقتصاد في الوقت والنفقات[10]".

1- المرجعية الصالحة للبت بأمر الصحة:

ان الاجابة أتت واضحة لناحية اعطاء الصلاحية لرئيس المحكمة الابتدائية، لكن الدكتور عيد ربط التدخل القضائي بالامر بموجب طلب تعيين المحكم او المحكمين عند قيام عقبة، وهذا ما يسبب اشكالية.

فماذا لو أراد أحد الاطراف ابطال البند التحكيمي لوضوح سبب البطلان دون ان يكون موضوع طلبه أو سببه تعيين محكم؟

هل على رئيس المحكمة الابتدائية في هذه الحالة رد الطلب لعدم القانونية؟!

ام ان عليه ان يبحث به بشكل دقيق للبت بأمر البطلان؟

ام ان عليه ان يعلن عدم اختصاصه؟

وبالتالي يطرح السؤال، أمام أي مرجع يقتضي تقديم طلب مماثل؟

ان مفهوم المادة 764 من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني صريح، بحال وجود بطلان واضح يمكن للاطراف الاستفادة من هذه الوضعية والتقدم بطلب ابطال البند التحكيمي لهذا السبب.

ان الفقيه ادوار عيد يشير الى هذا الامر من باب الاجازة بالتمسك ببطلان البند التحكيمي في حالة الطلب بتعيين محكم أمام رئيس المحكمة الابتدائية، او التمسك بالبطلان في وقت لاحق أمام المحكم المرفوع اليه النزاع أو لدى الطعن بالقرار التحكيمي بطرق الابطال، او عن طريق الدفع في الدعوى المرفوعة أمام المحكمة العادية بتنفيذ العقد الاساسي المتعلق به في هذا البند، حيث يكون المدعى عليه قد أدلى بدفع عدم اختصاص هذه المحكمة بحجة ان الاختصاص يعود للمرجع التحكيمي وفقاً لبند التحكيم فيتمسك المدعي عندئذ ببطلان هذا البند لحفظ الاختصاص للمحكمة العادية. وأخيراً يجوز التمسك ببطلان البند التحكيمي في دعوى أصلية ترفع أمام المحاكم العادية ويطلب فيها الحكم بابطال هذا البند بحد ذاته[11].

وحيث ان الفقيه الكبير قد اعتبر ان تقديم الطلب لابطال البند التحكيمي عندما لا يكون مرتبط بتعيين مرجع، يجب ان يتم أمام المحكمة العادية لكون نص المادة 764 من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني أشار الى الرابط مع طلب تعيين حكم.

لكن يجب ان يستفاد من نص المادة ذاتها لتفسير الامر بالصلاحية المعطاة لرئيس المحكمة الابتدائية لابطال البند التحكيمي عند وجود سبب ذلك واضح في معرض النظر بأمر تشكيل الهيئة التحكيمية، ومن له هذا الحق بمعرض أمرٍ ما اضافي يحتفظ بهذا الحق للنظر به على حدى وفقاً للقاعدة الفرنسية : "Qui peut le plus, peut le moins"

وعليه يقتضي اعتبار رئيس المحكمة الابتدائية مختصاً في النظر في طلبات ابطال البند التحكيمي قبل البدء بالتحكيم دون الحاجة للذهاب الى المحكمة العادية للبت بهذا الامر.

لكن مع التأكيد في هذا المجال على الرأي الذي أعطاه الفقيه الفرنسي البروفسور Ph. Fouchard بانه:

"ينبغي اذاً ان يكون بطلان البند التحكيمي جلياً وواضحاً وغير قابل لاي نزاع جدي، اي لا يمكن ان تثار بشأنه اية حجة تضعه موقع الشك[12].

وكذلك يقتضي العودة الى المفهوم الذي ارسته المادة 1458 من قانون أصول المحاكمات المدنية الفرنسي والذي يرتكز عليه كثيراً القانون اللبناني لناحية نزع صلاحية المحاكم القضائية للنظر في النزاعات موضوع الاتفاقات التحكيمية، وذلك مع التحفظ لجهة الشروط التالية:

1- يقتضي ان لا يكون الاتفاق التحكيمي الذي أنتج التحكيم باطلاً بطلاناً واضحاً أو بديهياً.

2- يقتضي ان يكون أحد الفرقاء متثبتاً بالتحكيم، لانه ليس على المحكمة ان تثير بصورة تلقائية هذا الموضوع الذي هو من النظام العام.

وهنا يشير الدكتور الاحدب انه اذا كان البطلان "واضحا"، ولم يكن قد عرض على التحكيم بعد، او اذا لم يكن أحد من الفرقاء قد أبدى رغبته في اللجوء الى التحكيم، وذلك خلال النظر لدى المحكمة القضائية، فان نتائج الاتفاق التحكيمي تزول، ويصبح من حق المحاكم القضائية التابعة للدولة ان تستعيد صلاحيتها وتنظر في النزاع[13].

واستناداً لما تقدم يقتضي الاخذ بامكانية التقدم بطلب مباشر الى رئيس المحكمة الابتدائية سنداً لاحكام المادة 764 أ.م.م. للبحث بأسباب بطلان البند التحكيمي دون ان يكون هناك رابط بأمر تشكيل الهيئة التحكيمية.

2- أسباب البطلان:

أما لناحية أسباب بطلان البند التحكيمي فان المادة 763 من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني فقد حددتها بوجوب الكتابة في العقد الاساسي او في وثيقة يحيل اليها هذا العقد، كما يجب ان يشتمل البند على تعيين المحكم او المحكمين بأشخاصهم أو صفاتهم أو على بيان الطريقة التي يعين بها هؤلاء.

أما أسباب بطلان العقد التحكيمي فقد أشارت المادة 766 من ذات القانون على وجوب ان يشتمل على تحديد موضوع النزاع وعلى تعيين المحكم او المحكمين بأشخاصهم أو بصفاتهم أو على بيان الطريقة التي يعين بها هؤلاء.

ان هذه الاسباب الواردة تتعلق بالشروط الشكلية لاتفاق التحكيم الا انه يزاد عليها ما هو متعلق بالاساس عندما يكون النزاع غير قابل للتحكيم كما لو كان موضوع التحكيم مخالف للنظام العام او للقوانين الجزائية او انه من المواضيع الغير قابلة للصلح او فيما يتعلق بعقود العمل الفردية او التمثيل التجاري وصولاً لحالة الافلاس.

أما بالنسبة للتحكيم الدولي فان الوضع القانوني مختلف تماماً بالنسبة للبند التحكيمي والعقد التحكيمي، لان النصوص المتعلقة بالتحكيم الدولي اللبناني كما والقانون الفرنسي، تعطي حرية واسعة للمتعاقدين في هذا المجال[14].

B- مسار اجرائي غير قانوني:

ان حرية الاطراف في اتباع مسار اجرائي وصولاً الى تشكيل هيئة تحكيمية ليست مطلقة.

فالمبادىء العامة الواجبة لاحترام العدالة والمساواة بين الاطراف أسمى من هذه الحرية.

قد يتسبب أحد الاطراف عبر اتباع أسلوباً في الاجراءات الى التعدي على حقوق الطرف الاخر، وقد يؤدي الاستمرار في الامر وعدم منع ذلك الى تشكيل هيئة تحكيمية مشكوك بصحتها وقانونيتها وقد يؤدي ذلك الى تحكيم باطل ناتج عن سبب من أسباب الطعن بحسب المادة 800 من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني وهو: "صدور القرار عن محكمين لم يعينوا طبقاً للقانون".

وقد يأتي التعيين الغير قانوني ناتجاً عن عدم احترام مبدأ المساواة بين الاطراف لحظة تشكيل الهيئة التحكيمية.

أو أن يكون أحد المحكمين أخفى واقعة تشكك في استقلاليته وحياديته[15].

ولقد رأينا في هذا المجال ان القضاء، خاصة القضاء الفرنسي قد تدخل بناءً على طلب أحد الخصوم لمنع تشكيل هيئة تحكيمية.

حيث صدر عن قاضي الامور المستعجلة الفرنسي قراراً قضى بالوقف المؤقت لمسار تشكيل هيئة تحكيمية لانه تبين له بوجود خطر حقيقي بعدم ضمان مسار اجرائي عادل بين الاطراف وفقاً لاحكام القانون الداخلي والالتزامات الدولية خاصة المادة السادسة من الاتفاقية الاوروبية لحقوق الانسان والمادة 14 من ميثاق نيويورك المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية[16].

يضاف الى ذلك وجود اسباب لرد احد المحكمين او استبداله وطبعاً ان جميع هذه الاسباب ترتكز على مخالفة مبدأ الاستقلالية وعدم الانحياز[17].

لكن يشترط هنا للتدخل القضائي ان تكون له الصلاحية وفقاً لمبدأ المؤازرة لدعم التحكيم بالانطلاق.

وان لا تكون الهيئة التحكيمية قد تشكلت اي ان لا يكون كامل المحكمين قد وافقوا على مهمتهم[18].

ويبقى السؤال الا يمكن ترك الامر لبته لاحقاً لحظة تقديم طلب الابطال او استئناف القرار التحكيمي.

لكن جواب محكمة التمييز الفرنسية اتى حازماً

"لا يجب الانتظار" "Il ne faut pas attendre"

وهذا الامر قد يطال حتى مؤسسة تحكيمية في عملها لتشكيل هيئة.

وقد استند في الامر الى اتفاقية نيويورك لعام 1958 حيث أشارت المادة الاولى فقرة -2- "يفهم بالقرارات التحكيمية ليست فقط تلك الصادرة عن محكمين معينين وانما أيضاً تلك الصادرة عن مؤسسات تحكيمية..."

والى رأي الاجتهاد الفرنسي والفقه الفرنسي حيث أشارا صراحة:

"Il en va de même au cas où le centre d’arbitrage est en conflit avec une des parties. Cela n’affecte pas la validité de la convention d’arbitrage…Dès lors que, comme cela a été le cas, en l'espèce les difficultés de constitution du tribunal arbitral peuvent le cas échéant être tranchées par le juge d'appui".

وحيث انه بذلك طالما ان المؤسسات التحكيمية يمكن لها ان تصدر قرارات حكمية بحسب أنظمتها، وطالما انها قد تكون على خلاف مع أحد الاطراف، يمكن بالتالي للقضاء العادي ان يتدخل لمعالجة الامر.

ورغم ان هذا الموقف الممتد على مدى سنوات للاجتهاد الفرنسي ولم يتراجع عنه، يتناقض مع المفهوم الاساسي للتحكيم المؤسسي الذي يضع في الغرف التحكيمية الصلاحية الكاملة لتنظيم التحكيم والبت بخلافات الاطراف لتشكيل الهيئة.

الا ان القضاء الفرنسي وضع الغرفة بموقع الطرف.

القسم الثالث

دور قاضي الامور المستعجلة قبل تشكيل الهيئة التحكيمية

في هذا الاطار، وقبل الغوص في تفاصيل هذه الاشكالية القانونية، لابد من تمييز مرحلتين في تشكيل الهيئة التحكيمية:

- مرحلة تسمية المحكمين، مع وجود عوائق في استكمال تشكيل الهيئة.

- مرحلة ما قبل تسمية المحكمين او المحكم رغم وجود البند او الاتفاق التحكيمي.

وان ذِكر هذه المراحل، يفتح الباب واسعاً في مناقشات وآثار قانونية عدة، لن نتطرق اليها حالياً لكونها تخرج عن نطاق بحثنا، وان ذكرنا منها، طبيعة المسؤولية المترتبة في كلتا الحالتين (تعاقدية او تقصيرية) موجبات المحكم او المحكمين وطبيعتها وآثارها...

وبالعودة الى ما ذكرناه اعلاه، نجد ان تدخل القاضي (بشكل عام) هو اساسي لاستكمال تشكيل الهيئة التحكيمية ولنظر عقبات التحكيم وتذليلها[19].

اما عن تدخل قاضي الامور المستعجلة في هذه المرحلة او المراحل المعددة اعلاه، فانه لابد من الاشارة الى الرأي القائل بانه طالما لم يتم تشكيل الهيئة التحكيمية ولم يكتمل هذا التشكيل فانه لا يمكن الحديث عن منازعة في اختصاص قضاء الامور المستعجلة اذ ان المناقشة بهذا الامر، لا تغدو كونها "نفخ روح في ميت" طالما ان الهيئة التحكيمية لم تتشكل بعد، فما من مانع من اختصاص قضاء الامور المستعجلة.

علماً ان الاجتهاد والفقه انقسم انقساماً حاداً حول الموضوع السابق ذكره، فنقرأ:

"... فان الشق الحاد المستعجل لهذه المنازعات يخرج عن اختصاص القضاء المستعجل وذلك رجوعاُ للاصل الاصيل المسلَم به في هذا المقام، والمتمثل في انه حيث تخرج المنازعة موضوعاً عن ولاية جهة القضاء العادي (بواسطة التحكيم) فان شقها الحاد المستعجل يخرج بالتالي عن ولاية القضاء المستعجل[20]".

في حين اننا نقرأ رأياُ معاكساً كلياً لهذا التوجه: "ان القضاء المستعجل يكون هو المختص بالفصل في المسائل المستعجلة ما دام اصل النزاع لم يطرح بعد امام هيئات التحكيم[21]".

اما الاجتهاد اللبناني، فقد اتخذ موقفاً حاسماً بهذا الشأن حيث اعتبر:

"ان صلاحية قاضي الامور المستعجلة هي صلاحية مطلقة وتتعلق بالنظام العام[22]".

وهذا المبدأ، كرسته محكمة التمييز في دولة البحرين، فاعتبرت "ان الاتفاق على التحكيم لا يمنع القاضي المستعجل من الحكم بالاجراء الوقتي متى توافر شرط الخطر والاستعجال[23]".

اما الاراء الفقهية، فوصلت الى حدّ "الليونة" في تبسيط هذه الاشكالية القانونية، فاعتبرت انه متى اتفق الفرقاء على ايلاء الحكم نفسه اختصاص النظر في اتخاذ التدابير المستعجلة، فانه لا مناص حينها من حجب اختصاص هذه الحالة يكون الفرقاء نفسهم قد نفوا من خلال اتفاقهم، وبصورة مسبقة عن التدابير صفة الاستعجال فينتفي مع هذا الاتفاق، اختصاص القضاء المستعجل.

علماً انه واذا اردنا التعليق على هذه الاراء، لقلنا انه لا يجوز ان يقرر الفرقاء مسبقاً تجريد التدابير من صفة الاستعجال فهو أمر لا يستقيم قانوناً، ولا يتأقلم ويتماشى مع الواقع.

وفي تطبيق لما ذكرناه اعلاه، نطرح مسألة عملية تتعلق بما نصت عليه الفقرة 2 من المادة 579 أ.م.م. لناحية السلفة الوقتية.

وهنا نسأل: هل يجوز لقاضي الامور المستعجلة منح الدائن سلفة وقتية على حساب حقه رغم وجود البند التحكيمي؟

بحسب الاراء والاجتهادات، فان تياراً اعتبر انه طالما لم يضع المحكم يده على النزاع (لاي سبب كان) فان قاضي الامور المستعجلة يبقى مختصاً لمنح الدائن سلفة وقتية على حساب حقه.

اما اذا وضع المحكم يده على النزاع فلا يجوز لقاضي العجلة التدخل اطلاقاً[24].

اما الرأي الاخر اعتبر انه "يبقى قاضي الامور المستعجلة مختصاً لمنح السلفة الوقتية، حتى بعد وضع المحكم  يده على النزاع، متى توافرت ظروف استثنائية هامة تستدعي الاستعجال ولا يتمكن المحكم معها من تلبية الطلب بسرعة وفي الوقت المناسب مع ما يستلزمه من اجراءات امامه وحتى صدور قرار الصيغة التنفيذية[25].

وانطلاقاً من كل ما ذكرناه اعلاه، فاننا لا نرى اي دور لقاضي الامور المستعجلة يمكن من خلاله لاي فريق الاستفادة منه لعرقلة اجراءات التحكيم، سواء قبل او بعد انشاء الهيئة التحكيمية.

ورأينا هذا مستند الى ما يلي:

1- ليس لقاضي العجلة اي دور يتعلق باجراءات التحكيم Procédure الا في الحالة التي أتينا على ذكرها من قبل القضاء الفرنسي[26].

2- ان قرارات قاضي الامور المستعجلة لا تتمتع بحجية القضية المحكم بها وهي لا تلزم محكمة الموضوع وحكماً لا تلزم الهيئة التحكيمية سواء قبل نشوئها او بعد ذلك.

لكن القضية الوحيدة التي تطرح في هذا المجال، هي أمام التحكيم المؤسسي، فماذا لو كان النظام يعطي المؤسسة التحكيمية صلاحية بت الامور المستعجلة لدى تشكيل الهيئة، فبهذه الحالة من هي الجهة المختصة، المؤسسة أم القضاء؟

ان رأينا في الموضوع يذهب نحو تأكيد الصلاحية للمؤسسة احتراماً لرتبة الاطراف لدى اختيارهم التحكيم وتأكيداً على استقلالية التحكيم عن القضاء حتى في الامور المستعجلة الا متى ترى المؤسسة ان لا امكانية لها للبت بالطلب المستعجل نظراً للحاجة من الاستفادة من سلطة قاضي الامور المستعجلة.

القسم الرابع

تكوين الهيئة التحكيمية

ان التحكيم محكوم بقاعدة ذهبية

"Tant vaut l'arbitre, tant vaut l'arbitrage"

بقدر ما يعطي المحكم، يتقدم التحكيم.

هناك رابط وثيق ما بين المحكم والتحكيم، وأمر قبول هذه الوسيلة لحل النزاعات من قبل الاطراف المتنازعة والذي قد تدخل ضمنهم دول هو مرتبط بقدرة المحكم على العطاء واظهار فضائل التحكيم لا مساوؤه واحقاق الحق وتطبيق العدالة وفقاً لدور القاضي لا المحامي، فالمحكم ليس محامياً وانما يمكن القول بأنه "قاضٍ خاص[27]".

لذلك يطرح السؤال، من يمكن له ان يسمى محكماً؟

من مميزات التحكيم هو اختيار المحكم من قبل الاطراف سواء مباشرةً او عبر وسيلة يختارونها، لكن عملية الاختيار وان كانت واسعة وحرة الا انها محاصرة بشروط قانونية وفعلية يقتضي بالاطراف احترامها.

الا انه قبل البحث بالشروط تقتضي الاشارة الى ان الهيئة التحكيمية يمكن لها ان تتألف من محكم فرد أو أكثر على ان يكون العدد دائماً مفرداً.

A- الشروط القانونية:

وفقاً لنص المادة 768 من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني لا تولى مهمة المحكم لغير شخص طبيعي، واذا عين عقد التحكيم شخصاً معنوياً فتقتصر مهمته على تنظيم التحكيم.

كما انه لا يجوز ان يكون المحكم قاصراً أو محجوزاً عليه أو محروماً من حقوقه المدنية أو مفلساً ما لم يردّ له اعتباره.

اضافة الى ذلك، فان المحكم لا يجب ان يكون محظوراً عليه التحكيم بحكم ظروف خاصة، كما لو كان قاضياً.

لكن مجلس القضاء الاعلى شاهدناه معطياً اجازات بذلك وان كانت مشروطة بعدم الحصول على أي بدل، لكن نرى في الامر اجازةً في غير موضعها، فالقاضي مسمى من قبل الشعب اللبناني ويجب ان يبقى ملتزماً بهذه الوظيفة وعدم الانتقال ولو مؤقتاً وباذن الى وسيلة بديلة لحل النزاع، فميدانة المحكمة وثوبه يجب ان يبقى واحداً وان كان الثوب الاخر مشابهاً، لكن مذاق التحكيم قد يجذبه وتصبح العودة صعبة.

كذلك الامر بالنسبة للموظف الرسمي وان كانت سهولة الحصول على اذن مسبق من رئيسه في هذا الاطار أسرع ومقبولة.

أما الاجير فله ان يكون محكماً الا اذا كان هناك حظر في عقد عمله او حصرية او منع يصبح بذلك بحاجة الى موافقة رب العمل.

B- الشروط الفعلية:

اضافة الى ما ذكرناه أعلاه فان شروطاً فعلية مفروضة دون ان تكون مذكورة صراحة في النصوص القانونية.

الشروط هذه أصبحت محددة بأربعة:

  • الاستقلالية.
  • عدم الانحياز.
  • التخصصية.
  • التواجد.

فالمحكم يجب ان يكون تمام الاستقلالية عن الاطراف، فهو يجب ان لا يكون من أقرباء أحدهم أو حليف أو أجير أو حتى مستشار، فيجب ان يكون على مسافة واحدة من الجميع.

لكن بحال كانت هناك علاقة ما وأشار اليها المحكم وعرف بها كافة الاطراف ولم يعترضوا فان الشخص المسمى يصبح محكماً، دون أي مشكلة لا مرحلية ولا مستقبلية.

وبكل الاحوال ان المحكم لا يجب ان يكون منحازاً أبداً لاي طرف، لان هذا الامر قد يعرضه لمسؤولية عقدية يلاحق على أساسها بعطل وضرر وتعويض.

كذلك المحكم يجب ان يكون حاضراً لكافة مقتضيات ومراحل المحاكمة، ان يعطي كامل الوقت اللازم وان يأخذ الامر بالجدية التامة دون اي تقصير او كلل ويجب ان يمتنع عن القيام بأي أمر تسويفيّ او ان يؤدي الى مماطلة سواء مقصودة أو غير مقصودة الا اذا كان هناك طارىء مبرر ومشروع.

كما ان المحكم يجب ان يكون اختصاصياً نوعاً ما في موضوع النزاع، وهذا أمر مرتبط بخيار الاطراف الذين عليهم هم ان يحسنوا الاختيار والتسمية وان لا يقبلوا بأي فرض أو اقتراح غير مدروس.

طبعاً من شأن المؤسسات التحكيمية ان تساعد في عملية التسمية ونذكر على سبيل المثال اتفاقية واشنطن لعام 1965 ومركز الاكسيد الذي يضم لائحة محكمين هم جميعاً من أصحاب الشخصيات المرموقة وذوي الخبرة اللافتة كوزراء ونواب وأساتذة ومحامين وطبعاً شروط اضافية متعلقة بالمستوى العلمي.

- ان التحكيم ليس ولا يجب ان يكون مهنة، فطابعه يجب ان لا يتغير وهو أساساً رسالة أخلاقية لحل الخلافات الناشئة بين المتنازعين وطبيعته مجانية وان كان الواقع قد وضع هذ الوسيلة في مصافي الاشخاص الميسورين وكأننا في مستشفى خاص وليس مستشفى حكومي.

C- كيف يسمى المحكم:

يسمى المحكم وفقاً لطريقتين، اما باتفاق الاطراف مباشرة او عبر طريق آخر.

حيث قد يعمد الاطراف دون أي مساعدة بتسمية المحكم بشخصه أو بصفاته أو باختيار وسيلة لتسميته.

وقد يصار الى الاستعانة برئيس المحكمة الابتدائية بحال حصول عقبات لاختيار المحكمين، وهذا لا يغير من طابع التحكيم.

أو عن طريق المؤسسات التحكيمية التي يكون لديها نظامها الخاص ولائحة المحكمين المعتمدين في الغرفة او المركز او المؤسسة، وهذا النوع يسهل تنظيم التحكيم وان كانت كلفته أعلى على المتنازعين.

خلاصة

يحتاج الامر الى تعديل تشريعي جديد، فالمرحلة التي تسبق البدء الفعلي للتحكيم غير منظمة قانوناً وهي متروكة، بفعل خلاف الاطراف أو رغبة أحدهم بالمماطلة والتسويف عبر زعزعة الاجراءات، الى تدخل القضاء لاستدراك الامر.

ان هذا التدخل القضائي يتعزز، وكما رأينا بقرار لمحكمة التمييز الفرنسية في العام 2014 يجب ان لا ينتظر الطرف لاستدعاء القضاء عند أي شأن قد يعتبره خللاً في المسار الاجرائي العادل.

ربما في الامر حماية وحصانة للتحكيم لكن هذا الامر يجب ان يقف عند حد رغبة المحتكمين الاساسية الا وهي الابتعاد عن القضاء.

ان ابقاء صلاحية التدخل القضائي بهذا الشكل الواسع قبل تشكيل الهيئة قد يساعد حكماً لكنه يساهم في ذات الوقت في زعزعة الاجراءات الواجب اتباعها من قبل الاطراف لتشكيل الهيئة.

ان تعزيز دور التحكيم المؤسسي من شأنه ان يخفف من هذا المسار القضائي التنسيقي والمؤازر للتحكيم بحسب الزعم.

ان التحكيم وسيلة حل نزاع بديلة لا بل هو أفضل وسيلة لحسم منازعات التجارة الدولية[28] يقتضي صون استقلاليته عن القضاء ويجب تقبل هذا الامر وادخاله في الثقافة القضائية واعتماده في السلوك الاجتهادي.

 

[1] Yves Guyon, L'arbitrage, Economica, 1995, p. 11

 [2]محكمة الاستئناف المدنية في بيروت، الغرفة الثالثة، قرار رقم 125/2009، مجلة التحكيم 2009، العدد الثاني، ص. 345 والتابع

[3] محكمة النقض المصرية (التجارية)، رقم الطعن 607/63، صادر في 27/3/2007، مجلة التحكيم 2009، العدد الثاني، ص. 493

 [4]د. عبد الحميد الاحدب، موسوعة التحكيم، التحكيم في البلدان العربية، الكتاب الاول، منشورات الحلبي الحقوقية، 2008، ص. 813

 [5]ساندرز (Sanders) ندوة حول اصلاح التحكيم الدولي في فرنسا غي 23/9/1981؛Rev. arb., 1981, n° 4, p. 449, et suiv.

[6] د. عبد الحميد الاحدب، المرجع السابق، ص. 814

[7] المادة 766 أ.م.م. لا يثبت عقد التحكيم الا بالكتابة. ويجب ان يشتمل، تحت طائلة بطلانه، على تحديد موضوع النزاع وعلى تعيين المحكم او المحكمين بأشخاصهم أو بصفاتهم أو على بيان الطريقة التي يعين بها هؤلاء. يعتبر عقد التحكيم ساقطاً اذا رفض المحكم المعين فيه المهمة الموكولة اليه.

[8] Yves Guyon, op.cit., p. 11

[9] د. عبد الحميد الاحدب، اعادة النظر في قواعد التحكيم، اليونسترال في ضوء تجربة ثلاثين عاماً، مجلة التحكيم 2009، العدد الثالث، ص. 28

[10]  ادوار عيد، موسوعة أصول المحاكمات، الجزء العاشر، التحكيم، 1، 1988، ص. 216

[11]  د. ادوار عيد، المرجع السابق، ص. 230

[12]  Ph. Fouchard, Rev. arb, 1985, p. 27

[13] د. عبد الحميد الاحدب، موسوعة التحكيم، التحكيم في البلدان العربية، الكتاب الاول، منشورات الحلبي الحقوقية، 2008، ص. 811

[14] د. عبد الحميد الاحدب، المرجع السابق، ص. 813

[15] Ph. Fouchard, Em. Gaillard, B. Goldman, Traite de l'arbitrage commercial international, litec, 1996, p. 481

[16] TGI, Paris, 30 mai 1986, Rev. arb., 1988, 371, 2eme jugement

[17] Thomas Clay, L'arbitre, Dalloz, 2001, p. 360

[18] Affaire République de Guinée, TGI, Paris, Rif. 30 mai 1986, Rev. arb., 1988, 371, 2eme jugement

[19]   Thomas Clay, L'arbitre, Dalloz, 2001, p. 603

[20] محمد علي راتب، قضاء الامور المستعجلة، ج. 1، صفحة 176

[21] محمد عبد اللطيف، القضاء المستعجل، طبعة ثالثة، صفحة 11، بند 7

[22] قرار قاضي الامور المستعجلة في بيروت تاريخ 26/7/1972، حاتم 139 صفحة 61

 [23]محمد عبد اللطيف، المرجع المذكور اعلاه، صفحة 35

 

[24] ادوار عيد، موسوعة اصول المحاكمات والاثبات والتنفيذ، ج. 10 صفحة 249

[25] تعليق الفقيه نورمان، المجلة الفصلية للقانون المدني 1985، ص. 208 وما يليها

[26] أنظر سابقاً، ص. 12

[27] Thomas Clay, L'arbitre, Dalloz, 2000, p.18

 [28]ابراهيم فضل الله، مجلة التحكيم، العدد الثاني، ص. 18




Blog récents

Crime On Board

il y a 5 ans
the pilot's role

إجراءات التحكيم ومستنداته

il y a 5 ans
إجراءات التحكيم ومستنداته

إجراءات التحكيم لتشكيل الهيئة

il y a 5 ans
إجراءات التحكيم لتشكيل الهيئة
© 2025 Tous Droits Réservés. Développé par Perceive Agency